شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله، وثبت يوم أحد وكان بايعه يومئذٍ على الموت، فثبت معه حين انكشف الناس عنه وجعل ينضح بالنبل يومئذ عن رسول الله، فقال رسول الله: "نبلوا سهلاً فإنه سهل"[1].
وقال الزهري: لم يعط رسول الله من أموال بني النضير أحدًا من الأنصار إلا سهل بن حنيف، وأبا دجانة. وكانا فقيرين[2].
مواقف عديدة بين سهل بن حنيف وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- وشاء القدر أن يجمع بين هذين الصحابيين، فلا نكاد نقرأ اسم واحد منهما إلا نجده مقرونًا باسم أخيه، فقد آخى بينهما رسول الله في الله؛ لذا كان لزامًا علينا أن نذكر بعض المواقف في حياتهما، فلا أظن أن سيدنا سهل لو كان حيًّا كان سيغفر لنا أن نكتب عنه بحثًا ولا نذكر فيه أخاه ورفيق دربه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
وكانت هناك بقباء امرأة لا زوج لها مسلمة، فيقول علي : فرأيت إنسانًا يأتيها من جوف الليل فيضرب عليها بابها فتخرج إليه، فيعطيها شيئًا معه فتأخذه. قال: فاستربت بشأنه، فقلت لها: يا أمة الله، من هذا الرجل الذي يضرب عليك بابك كل ليلة، فتخرجين إليه فيعطيك شيئًا لا أدري ما هو وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك؟ قالت: هذا سهل بن حنيف بن واهب، قد عرف أني امرأة لا أحد لي، فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها ثم جاءني بها. فقال: احتطبي بهذا. فكان علي يأثر ذلك من أمر سهل بن حنيف حتى هلك عنده بالعراق[3].
وهكذا كان دأب صحابة رسول الله كفالة الفقير، وتقديم يد العون له، وبذلك يكون المجتمع الإسلامي كالجسد الواحد يشد بعضه بعضًا. بعض الأحاديث التي رواها سهل بن حنيف عن رسول الله :
عن يسير بن عمرو قال: قلت لسهل بن حنيف: هل سمعت النبي يقول في الخوارج شيئًا؟ قال سمعته يقول وأهوى بيده قبل العراق: "يخرج منه قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية"[4].
وعن ابن أبي ليلى أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية، فمرت بهما جنازة فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض. فقالا: إن رسول الله مرت به جنازة فقام، فقيل إنه يهودي، فقال: "أليست نفسًا"[5].