مملكة الحب عضو VIP
عدد الرسائل : 430 نشاط العضو : دعاء : تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: سيرة ام المؤمنين الصديقه بنت الصديق رضي الله عنهما الأحد أغسطس 26, 2012 11:07 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيرة ام المؤمنين الصديقه بنت الصديق رضي الله عنهما :
إنَّ سيرةَ أم المؤمنين عائشة - رضيَ الله عنها- حافلةٌ بالمواقفِ والدُّروسِ والعِبر، جامعةٌ لخلقٍ رفيع عالٍ للنِّساء المسلمات في هذا العصر، الذي قل فيه العلم وكثر فيه الجهل.
ولادة أم المؤمنين عائشة: ولدت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها - في مكة المكرمة قبل الهجرة بسبع سنين تقريباً. وقد تربت - رضي الله عنها - شطرا في بيت الصديق (تسع سنين)، وشطرا آخر في بيت النبوة (تسع سنين أيضًاً).
زواجها من الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -:
بعد وفاة خديجة - رضي الله عنها - لبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو سنتين أوقريبًا من ذلك دون زوجة، ثم جاءته خولة بنت حكيم - رضي الله عنها - فعرضت عليه خطبة عائشة بنت أبي بكر الصديق فعقد عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وهي بنت ست سنين ودخل بها في المدينة المنورة، وهي بنت تسع سنين.
و كانت أم المؤمنين -رضي الله عنها - من شدة حبها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وورعها لله تعالى إذا كان هناك أي خصومة من الخصومات التي تحصل بين الأزواج لا تهجر إلا اسمه فقط. ويبين ذلك ما روته الصديقة - رضي الله عنها عندما قال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى. قالت: ومن أين تعرف ذلك. قال: أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين لا ورب محمد. وإذا كنت غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم. قالت عائشة. قلت: أجل - والله - يا رسول ما أهجر إلا اسمك) [رواه الشيخان].
كانتْ تسمرُ مع النبي - صلى الله عليهِ وسلم- ليلاً فيتحدثانِ، عن عائشة: وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- إذا كان بِالليل سار مع عَائِشة يَتحدثُ.
كانت تذبُّ وتنافحُ عن رسول الله بما تملكه من قدرة، عن عَائِشةَ أَن الْيَهودَ دَخَلوا عَلَى النبِي صلى الله عليه وسلم فَقالُوا: السام عَلَيْكَ فقالتْ: وَعَلَيكم السام وَلَعَنكم اللّه وَغضبَ عَلَيكم.
وكانت رضي الله عنها فرحة مرحة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وباقي زوجاته الكرام ويدل على ذلك ما رواه الهيثمي وغيره في مجمع الزوائد: (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بحريرة وقد طبختها له، فقلت لسودة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بيني وبينها: كلي - فأبت، فقلت: لتأكلين أو لألطخن وجهك فأبت، فوضعت يدي في الحريرة فطليت وجهها، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع بيده لها، قال لها: الطخي وجهها ففعلت فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -......).[مجمع الزوائد للهيثمي]
وقد اشتهرت - رضي الله عنها - بالحياء والورع الشديدين حتى أنها كانت تستحي من عمر رضي الله عنه وهو في قبره، ولعل خير مثال يبين ذلك ما روته عائشة - رضي الله عنها - بقولها: كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي فأضع ثوبي فأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهم، فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر)[مسند الامام احمد].
وكانت رضي الله عنها كريمة كرمًا مميزًا حتى أنها تنفق آلاف الدراهم دون أن تدخر لنفسها دراهم معدودة للطعام والشراب.
كان لهَا مكانٌ خاصٌ في قلب رسول الله لم يشاركها فيه غيرها من زوجاته، مما جعلهن يصبن بالغيرة الشديدة من ذلك، ويطالبن الرسول - صلى الله عليه وسلم- بالعدل بينهن، بل إنهن أرسلن إلى ابنته فاطمة –رضيَ الله عنهَا-، لكن كل ذلك لم يؤثر على قلب الرسول حتَّى إنه قال لفاطمة: (يا بنية ألا تحبين ما أحب؟).
فرجعت إليهن فأخبرتهن ، فقيل لها : ارجعي إليه ، فأبت أن ترجع ، فأرسلوا بعد ذلك زينب بنت جحش رضي الله عنهن جميعاً ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغلظت له في القول وقالت : إن نساءك ينشدنك الله العدل في ابنة أبي قحافة فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة - أي ببعض القول - وعائشة قاعدة فسبتها - أي ذكرت لها كلاماً شديداً وقاسياً - حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تتكلم . قال : فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها - أي ذكرت لها من القول ما ألجمها وأسكتها - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنها ابنة أبي بكر ).
وقد كانت رضي الله عنها وأرضاها أحب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان عليه والصلاة والسلام يصرح بذلك كما ورد في حديث عمروبن العاص - رضي الله عنه - حيث سأله: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة. قال: فمن الرجال؟ قال: أبوها)
ألقاب عائشة - رضي الله عنها:
ظفرت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بألقاب لم تظفر بها غيرها من أمهات المؤمنين - رضوان الله عليهن أجمعين - منها:
1- عائش: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي عائشة - رضي الله تعالى عنها - بقوله: (يا عائش) تحبباً، وتحسناً لمكانتها المميزة في قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففي الصحيحين عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام. قلت وعليك السلام ورحمة الله وبركاته) (رواه الشيخان)
2- حميراء: وكذلك روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادى حبيبته عائشة - رضي الله عنها - بالحميراء، تحببا إليها وملاطفة لها ومن ذلك ما رواه عدد من العلماء من رواية أم المؤمنين عائشة، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي: يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم فقلت: "نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه فأسندت وجهي إلى خده" قالت: "ومن قولهم يومئذ أبا القاسم طيبا" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسبك" فقلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي ثم قال: "حسبك" فقلت: "لا تعجل يا رسول الله" قالت: "وما لي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه" قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: يا حميراء! أتحبين أن تنظُري إليهم؟! يعني: إلى لعب الحبشة ورقصهم في المسجد)[4]. ولفظ حميراء معناه البيضاء، لأن أم المؤمنين كانت بيضاء رضي الله عنها. والعرب تطلق على الأبيض أحمر لغلبة السمرة على لون العرب(النهايه في غريب الاثر).
والعرب تقول: امرأة حمراء أي بيضاء. وسئل ثعلب: لم خص الأحمر دون الأبيض؟ فقال: (لأن العرب لا تقول رجل أبيض من بياض اللون، إنما الأبيض عندهم الطاهر النقي من العيوب، فإذا أرادوا الأبيض من اللون قالوا أحمر)[لسان العرب المحيط].
3- ابنة الصديق: كثيرًا ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يناديها بابنة الصديق تحببًا وإكراماً لابنة الصديق لما لها وأبيها من مكانة عظيمة في قلبه وقلب كل مؤمن بالله ورسوله. من ذلك ما روته عائشة - أم المؤمنين رضي الله عنها - قالت: قلت يا رسول الله ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60] هوالذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال: لا يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق، ويخاف أن لا يقبل منه[شرح العقيده الطحاويه].
4- ابنة أبي بكر: كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي أم المؤمنين بابنة أبي بكر لبيان عظيم مكانتها ومكانة أبيها أحب الناس إلى قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم - رحمه الله تعالى - في صحيحه، أن عائشة، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: أرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت: يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، وأنا ساكتة، قالت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "أي بنية ألست تحبين ما أحب؟" فقالت: بلى، قال "فأحبي هذه" قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلن لها: ما نراك أغنيت عنا من شيء، فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة: والله لا أكلمه فيها أبدا، قالت عائشة، فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيرًا في الدين من زينب. وأتقى لله وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حدة كانت فيها، تسرع منها الفيئة، قالت: فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها، على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، قالت: ثم وقعت بي، فاستطالت علي، وأنا أرقب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها، قالت: فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكره أن أنتصر، قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتبسم إنها "ابنة أبي بكر"[رواه مسلم].
5- الموفقة: وأيضًا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي أم المؤمنين بالموفقة لتوفيق الله تعالى لها بكل ما تقول أوتفعل رضي الله تعالى عنها. روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة، فقالت عائشة: فمن كان له فرط من أمتك. قال: ومن كان له فرط يا موفقة.......) [رواه الترمذي].
6- أم عبد الله: كنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بأم عبد الله. روت عائشة - رضي الله عنها قولها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أم كل صواحبها لهن كنى، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فاكتني بابنك عبد الله- يعني ابن أختها - فكانت تكنى بأم عبد الله)[سنن ابن داود].
وفي رواية ثانية عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما ولد عبد الله بن الزبير أتيت عائشة - رضي الله عنها، قالت: لما ولد عبد الله بن الزبير أتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فتفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوه، وقال: هوعبد الله وأنت أم عبد الله، فما زلت أكنى بها وما ولدت قط) [صحيح ابن حبان].
7- أم المؤمنين: بهذا اللقب لقبت عائشة رضي الله عنها كغيرها من أمهات المؤمنين وبيان ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَولَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأَزْواجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وأُولُوالْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَولَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَولِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾[سورة الاحزاب.الايه 6].
كانت الصديقة رضي الله عنها ذات منهج علمي مميز، ولعل أبرزه ما فيه ما يلي:
1- توثيق المسائل: كانت رضي الله عنها إذ تحرص على تتبع توثيق المسائل بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمْرَةَ بنت عبد الرحمن، أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة رضي الله عنها أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي وقد بعثت بهديي فاكتبي إليّ بأمرك، قالت عمرة:، فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس كما قال ابن عباس، "أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله له حتى نحر الهدي)[الشيخان].
2- الورع عن الكلام بغير علم: كانت رضي الله عنها تتورع عن الكلام بغير علم، ومن مثل هذا ما قال شريح بن هانىء قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه، فقال جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً وليلة للمقيم.[مسلم]
3- الجمع بين الأدلة وفهم مقاصد الشريعة: كانت رضي الله عنها تعتمد على الجمع بين الأدلة وفهم الشريعة وعلوم العربية. ومن ذلك ما رواه عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قال قلت: أرأيت قول الله عز وجل ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [البقرة: 158] قال قلت: فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة: بئسما قلت يا ابن أختي إنها لوكانت على ما اولتها كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنها إنما أنزلت أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لِمَنَاةَ الطاغية التي كانوا يعبدون عند المشلل وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل: (إن الصفا والمروة من شعائر الله إلى قوله فلا جناح عليه أن يطوف بهما) قالت عائشة ثم قد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بهما، فليس ينبغي لأحد أن يدع الطواف بهما) [مسلم].
4- معرفتها بأدب الحوار: كانت رضوان الله عليها على معرفة عميقة وتامة بآداب الحوار وكل ما يلزم ذلك. كيف لا وهي التي تربت وتعلمت في بيت النبوة، انظر أخي القارئ إلى هذه القصة لترى وتتعلم أدب الحوار من الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - عن عروة بن الزبير قال: كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن - قال - فقلت: يا أبا عبد الرحمن أعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في رجب؟ قال: نعم. فقلت: أي أمتاه ألا تسمعين ما يقول أبوعبد الرحمن؟! قالت: وما يقول؟ قلت: يقول اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في رجب. فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن لعمري ما اعتمر في رجب، وما اعتمر من عمرة إلا وإنه لَمَعَهُ. قال وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم. سكت.[مسلم]
5- الدقة في نقل الموروث النبوي: وكانت أم المؤمنين - رضي الله عنها - دقيقة جدًا في نقل الموروث النبوي أمانة في النقل، وورعاً وخوفاً من الله سبحانه وتعالى، عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنها سمعت عائشة وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول إن الميت ليعذب ببكاء الحي. فقالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب، ولكنه نسى أو أخطأ إنما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يهودية يبكى عليها أهلها، فقال إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها) .(البخاري)
6- اختبار المحدث: وكانت عائشة - رضي الله عنها - إذا لم تكن تعرف الحديث اختبرت قائله، فإن ضبطه قبلته، وهذا الأسلوب اتبعه نقاد الحديث فيما بعد في نقد نقل الرجال. عن عروة بن الزبير قال قالت لي عائشة يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو مارٌّ بنا إلى الحج فَالْقَهُ فَسَائِلْهُ فإنه قد حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علماً كثيراً - قال - فلقيته فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله لا ينزع العلم من الناس انتزاعاً ولكن يقبض العلماء، فيرفع العلم معهم، ويبقى في الناس رءوساً جهالاً يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون). قال عروة فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته قالت أحدثك أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا، قال عروة حتى إذا كان قابل قالت له: إن ابن عمروقد قدم فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم - قال - فلقيته فساءلته فذكره لي نحوما حدثني به في مرته الأولى. قال عروة فلما أخبرتها بذلك قالت ما أحسبه إلا قد صدق أراه لم يزد فيه شيئاً ولم ينقص).(اخرجه مسلم)
7- عدم الإسراع في الكلام والتأني في سرد الأحاديث: اتبعت أم المؤمنين - رضي الله عنها - أسلوب النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحدث والتعليم، فكانت رضي الله عنها تتكلم بتأني دون كلل ولا تكثر في الكلام والتحدث. عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت له: ألا يعجبك أبوهريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمعني ذلك وكنت اسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسرد الحديث كسردكم).(اخرجه مسلم)
وهذا نرى أن الصديقة بنت الصديق ملكة العفاف بحرا زاخرا في الدين، وخزانة حكمة وتشريع، ومدرسة قائمة بذاتها، ونابغة في الذكاء والفصاحة والبلاغة، فكانت رضوان الله عليها عاملًا كبيرًا ذا تأثير عميق في نشر العلم النبوي الشريف.
وما كان لهذه الشخصية العظيمة التي تربت في بيت الصديق والنبوية أن تغيب عن مشهد الأحداث، وخصوصًا إذا كانت تلك الأحداث، مفصلة في تاريخ وحياة الأمة. كيف لا وهي أم للمؤمنين التي يدفعها إلى ذلك الشعور بالواجب الملقى على عاتقها، ثم الإحساس بالقدرة على التأثير والتغيير والإصلاح بين أبنائها المؤمنين إذا دعت الحاجة لذلك.
ففي فتنة عثمان رضي الله عنه رأت رضي الله عنها بوجوب القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه والإصلاح بين المسلمين.
رواية الحوأب:
لما أقبلت عائشة - يعني في مسيرها إلى وقعة الجمل - وبلغت مياه بني عامر ليلاً، نبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب. فقالت: ما أظنني إلا راجعة.
فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. قالت: إن رسول الله قال لنا ذات يوم: "كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلابُ الْحَوْأَبِ؟" (رواه احمد وابن حبان).
وفي لفظ آخر قال لنسائه: "لَيْتَ شِعْرِي أيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الأَدْبَبِ ، تَخْرُجُ فَيَنْبَحُهَا كِلابُ الْحَوْأَبِ يُقْتَلُ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَتْلَى كَثِيرٌ ثُمَّ تَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ".
فقال لها الزبير: ترجعين؟! عسى الله أن يُصلح بك بين الناس.
فهذه نِيَّة عائشة رضي الله عنها عند خروجها، فما خرجت لقتال علي ، بل خرجت للإصلاح، فلو عَلِمَ أي مسلم أن فريقين من المسلمين سيقتتلان، وأنَّ خروجه سيحقن دماءهم لما تردَّد في الخروج، فكيف بعائشة رضي الله عنها؟! كما أن الحديث ليس فيه نهي عن شيء، أو أمر بشيء تفعله عائشة رضي الله عنها.
ولقد دلُّ هذا الحديث على أن النبي كان يعلم أن عائشة رضي الله عنها ستخرج.
ولا شَكَّ أنها رضي الله عنها لما سمعت نباح الكلاب وعلمتْ أنها كلاب الحوأب اهتزَّ موقفها، وتردَّدت وخشيتْ أن تكون المعنيَّة بالحديث، إلاَّ أن توقُّعَاتها القوية بأن الأمر لن يكون فيه قتال، وأن غرضها ما هو إلاَّ الإصلاح تأوَّلت المعنى، وربما ظنَّت أنها امرأة أخرى في موقف آخر فيه قتال وقتل كثير.
وفي الطريق إلى (ذي قار) قابلهم المستشار الأول لعلي بن أبي طالب ، وهو عبد الله بن عباس، فقال للقوم: يا أهل الكوفة؛ أنتم لقيتم ملوك العجم -أي الفرس- ففضضتم جموعهم، وقد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة، فإن يرجعوا فذاك الذي نُريده، وإن أبوا داويناهم بالرفق، حتى يبدءونا بالظلم، ولن ندع أمرًا فيه صلاح إلاَّ آثرناه على ما فيه الفساد، إن شاء الله تعالى. فاجتمع الناس على ذلك.
قدِم الجيش الذي خرج من مكة وفيه السيدة عائشة رضي الله عنها إلى البصرة، وقبل دخولهم أرسلوا رسائل إلى عثمان بن حنيف والي البصرة من قِبَل علي بن أبي طالب أن يُخلي البصرة لجيش السيدة عائشة رضي الله عنها؛ لأخذ المدد، والأخذ على يد مَنْ قتل عثمان بن عفان وأرضاه، ولم يكن عثمان بن حنيف يعلم مَنْ قتل عثمان من أهل البصرة، ولا يعلم -أيضًا- مَنْ وافق من أهلها على القتل، ومَنْ لم يوافق، ولكن مما يُذكر أن حكيم بن جبلة وهو أحد رءوس الفتنة كان قد هرب من المدينة إلى البصرة بعد قتل عثمان ، وكان مختبئًا في مكان لا يعلم به أحد، وهو من رءوس قومه، ومن إحدى القبائل الكبيرة.
بدأ هؤلاء القتلة يشعرون بتحييد علي بن أبي طالب لهم، فخافوا على أنفسهم، وذهب عليٌّ بمَنْ معه من القوم إلى السيدة عائشة ومَنْ معها، وجاء الليل وبات الفريقان خير ليلة مرَّت على المسلمين منذ أمد بعيد، ونام أهل الفتنة في شرِّ ليلة يُفكِّرون كيف سيتخلَّصون من هذا الصلح الذي سيكون ثمنه هو رقابهم جميعًا، وخطَّطوا من جديد لإحداث الفتنة التي كانت نتيجتها
ونتيجة هول ما حصل من أمر معركة الجمل التزمت أم المؤمنين بيتها ولم تعد تشارك في أحداث الأمة بشكل مباشر بل عن طريق النصيحة والإرشاد كما فعلت مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، ذلك أن معاوية - رضي الله عنه - طلب منها النصيحة، فكتبت إليه: (إلى معاوية سلام عليك، أما بعد: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، والسلام عليكم).(صحيح ابن حبان)
وهكذا رأينا أن أم المؤمنين رضي الله عنها لم تدخر وسعا في مناصرة الحق وبيانه، والاهتمام بقضايا الأمة، فكانت تأتيها الوفود من كل بقاع الدولة الإسلامية فتجيبهم عن فتاويهم وأسألتهم بما علمت من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك كانت تنصح الأمراء والولاة والخلفاء وتذكرهم بأيام الله تعالى فهي زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها.
قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في مسنده ( 1 / 276 ــ رقم 2496 أو 1 / 349 ــ رقم : 3262 ) :
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن خثيم عن ابن أبى مليكة عن ذكوان مولى عائشة أنه استأذن لابن عباس على عائشة وهى تموت وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن فقال هذا ابن عباس يستأذن عليك وهو من خير بنيك. فقالت دعنى من ابن عباس ومن تزكيته. فقال لها عبد الله بن عبد الرحمن إنه قارئ لكتاب الله فقيه فى دين الله فائذنى له فليسلم عليك وليودعك. قالت : فائذن له إن شئت. قال فأذن له فدخل ابن عباس ثم سلم وجلس وقال أبشرى يا أم المؤمنين فوالله ما بينك وبين أن يذهب عنك كل أذى ونصب أو قال وصب وتلقى الأحبة محمدا وحزبه - أو قال أصحابه - إلا أن تفارق روحك جسدك. فقالت وأيضا. فقال ابن عباس كنت أحب أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليه ولم يكن يحب إلا طيبا وأنزل الله عز وجل براءتك من فوق سبع سموات فليس فى الأرض مسجد إلا وهو يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار وسقطت قلادتك بالأبواء فاحتبس النبى -صلى الله عليه وسلم- فى المنزل والناس معه فى ابتغائها - أو قال فى طلبها - حتى أصبح القوم على غير ماء فأنزل الله عز وجل (فتيمموا صعيدا طيبا) الآية فكان فى ذلك رخصة للناس عامة فى سببك فوالله إنك لمباركة. فقالت دعنى يا ابن عباس من هذا فوالله لوددت أنى كنت نسيا منسيا.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ في فتح الباري ( 8 / 484 ) ما نصّه :
وفي هذه القصة دلالة على سعة علم ابن عباس وعظيم منزلته بين الصحابة والتابعين ، وتواضع عائشة وفضلها وتشديدها في أمر دينها ، وأن الصحابة كانوا لا يدخلون على أمهات المؤمنين إلا بإذن ، ومشورة الصغير على الكبير إذا رآه عدل إلى ما الأولى خلافه ، والتنبيه على رعاية جانب الأكابر من أهل العلم والدين ، وأن لا يترك ما يستحقونه من ذلك لمعارض دون ذلك في المصلحة
وفاة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -:
توفيت رضي الله عنها في خلافة معاوية - رضي الله عنه - ليلة الثلاثاء، السابع عشر من رمضان، سنة ثمان وخمسين من الهجرة، وهي ابنة ست وستين سنة، بعد مرض ألم بها حتى أنها شعرت بأنه مرض الموت، ولهذا أوصت: (أن لا تتبعوا سريري بنار، ولا تجعلوا تحتي قطيفة حمراء، وأن لا يصلي علي إلا أبوهريره .(الطبقات لأبن سعد).
ودفنت عليها رحمة الله عليها بالبقيع من ليلتها بعد صلاة الوتر ، بحسب وصيتها لعبد الله بن الزبير - رضي الله عنه، حيث قالت له: (ادفني مع صواحبي بالبقيع لا أزكي به أبداً) [البخاري].
منقوووووووووووووول للافادة | |
|
الشافعي الصحراوي عضو ذهبى
عدد الرسائل : 140 نشاط العضو : دعاء : تاريخ التسجيل : 15/08/2011
| موضوع: رد: سيرة ام المؤمنين الصديقه بنت الصديق رضي الله عنهما السبت سبتمبر 01, 2012 12:33 pm | |
| علـپـى المـپـوضـپـوعـے الـممـپـيز
و المـپـوضـپـوعـے الـپـرائـپـع
بـپـإنتـپـظـآر جـپـديـپـدك | |
|
benghazi عضو ذهبى
عدد الرسائل : 131 نشاط العضو : دعاء : تاريخ التسجيل : 25/08/2012
| موضوع: رد: سيرة ام المؤمنين الصديقه بنت الصديق رضي الله عنهما الأحد سبتمبر 02, 2012 4:29 pm | |
| السلام عليكم موضوع رائع المزيد من التميز و اللإبداع في منتديات شيكامول | |
|