ام الْمُؤْمِنِيْن سَوْدَة بِنْت زَمْعَة
نَسَبَهَا
هِي أَم الْمُؤْمِنِيْن سَوَّدَه بَنِت زَمْعَة بْن قَيْس الْقُرَشِيَّة الْعَامِرِيَّة
اسْلامِهَا
كَانَت قَبْل أَن يَتَزَوَّجَهَا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
تَحْت ابْن عَم لَهَا يُقَال لَه: الْسَّكْرَان بْن عَمْرِو،
أَخِي سُهَيْل بْن عَمْرو الْعَامِرِي
أَسْلَمْت سَوْدَة زَوْجَهَا الْسَّكْرَان
وَهَاجِرا جَمِيْعَا إِلَى أَرْض الْحَبَشَة
و لَمَّا قَدِم الْسَّكْرَان مِن الْحَبَشَة بِسَوْدَة
تُوَفَّى عَنْهَا فَخَطَبَهَا الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم
زَوَاجِهَا مِن الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم
هِى أَوَّل مَن دَخَل بِهَا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
بَعْد خَدِيْجَة رَضِي الْلَّه عَنْهَا
وَكَانَت صَوَّامَة قَوَّامَة. وَانْفَرَدَت بِه نَحْوا
مِن ثَلَاث سِنِيْن حَتَّى دَخَل بِعَائِشَة
و كَانَت سَيِّدَة جَلِيْلَة نَبِيِّلَة ضَخْمَة
رَوَى الْإِمَام أَحْمَد بِسَنَدِه عَن أَبِي سَلَمَة وَيَحْيَى قَالا:
لَمَّا هَلَكَت خَدِيْجَة جَاءَت خَوْلَة بِنْت حَكِيْم
امْرَأَة عُثْمَان بْن مَظْعُوْن قَالَت:
يَا رَسُوْل الْلَّه! أَلَا تَزَوَّج؟
قَال:
(مَن ؟)
قَالَت:
إِن شِئْت بِكْرَا وَإِن شِئْت ثَيِّبَا،
قَال: (فَمَن الْبِكْر ؟)
قَالَت:
ابْنَة أَحَب خَلْق الْلَّه عَز وَجَل إِلَيْك عَائِشَة بِنْت أَبِي بَكْر،
قَال: (وَمَن الْثَّيّيب ؟)
قَالَت:
سَوْدَة بِنْت زَمْعَة، قَد آَمَنَت بِك وَاتَّبَعَتْك عَلَى مَا تَقُوْل،
قَال:
(فَاذْهَبِي، فَاذْكُرِيْهِمَا عَلَي).
وَعَن بُكَيْر بْن الْأَشَج:
أَن الْسَّكْرَان قَدِم مِن الْحَبَشَة بِسَوْدَة
فَتُوُفِّي عَنْهَا فَخَطَبَهَا الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-
فَقَالَت:
أَمْرِي إِلَيْك
قَال:
(مُرِي رَجُلا مِن قَوْمِك يُزَوِّجُك).
فَأَمَرَت حَاطِب بِن عَمْرو الْعَامِرِي
فَزَوَّجَهَا وَهُو مُهَاجِرِي بَدْرِي
عَن عَبْد الْلَّه بْن عَبَّاس
أَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
خَطَب امْرَأَة مِن قَوْمِه يُقَال لَهَا سَوْدَة
وَكَانَت مُصْبِيَة كَان لَهَا خَمْس صَبِيَّة
أَو سِت مِن بَعْلِهَا مَات
فَقَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم:
قَالَت:
وَاللَّه يَا نَبِي الْلَّه مَا يَمْنَعُنِي مِنْك أَن لَا تَكُوْن
أَحَب الْبَرِيَّة إِلَي
وَلَكِنِّي أُكْرِمُك أَن يَمْنَعُوْا هَؤُلَاء الْصِّبْيَة
عِنْد رَأْسِك بُكْرَة وَعَشِيَّة
قَال:
((فَهَل مَنَعَك مِنِّي غَيْر ذَلِك؟)).
قَالَت:
لَا وَالْلَّه
قَال لَهَا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم:
((يَرْحَمُك الْلَّه إِن خَيْر نِسَاء رَكِبْن أَعْجَاز الْإِبِل
صَالِح نِسَاء قُرَيْش أَحْنَاه عَلَى وَلَد فِي صِغَرِه
وَأَرْعَاه عَلَى بَعْل بِذَات يَدِه)).
صِفَاتِهَا و فَضْلُهَا
حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة:
أَن الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
بَعَث إِلَى سَوْدَة بِطَلَاقِهَا، فَجَلَست عَلَى طَرِيْقِه
فَقَالَت:
أَنْشُدُك بِالَّذِي أَنْزَل عَلَيْك كِتَابَه، لِم طَلَّقْتَنِي؟ أَلِمَوْجِدَة؟
قَال:
(لَا)
قَالَت:
فَأَنْشُدُك الْلَّه لَمَّا رَاجَعْتَنِي
فَلَا حَاجَة لِي فِي الْرِّجَال
وَلَكِنِّي أُحِب أَن أُبْعَث فِي نِسَائِك، فَرَاجَعَهَا
قَالَت:
فَإِنِّي قَد جَعَلْت يَوْمِي لِعَائِشَة.
فَتَرَكَهَا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
وَصَالَحَهَا عَلَى ذَلِك
وَفِي ذَلِك أَنْزَل الْلَّه عَز وَجَل:
{وَإِن امْرَأَة خَافَت مِن بَعْلِهَا نُشُوْزَا أَو إِعْرَاضَا
فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحا وَالصُّلْح خَيْر}
قَالَت عَائِشَة:
نَزَلَت فِي سَوْدَة بِنْت زَمْعَة.
و كَانَت رَضِى الْلَّه عَنْهَا صَوَّامَة قَوَّامَة
و كَانَت تُحِب الْصَدَقَة
وَكَانَت ذَات عُبَادَة وَوَرَع وَزَهَادَة
قَالَت عَائِشَة:
مَا مِن امْرَأَة أُحِب إِلَي أَن أَكُوْن فِي مِسْلاخِهَا
غَيْر أَن فِيْهَا حِدَّة تُسْرِع مِنْهَا الْفَيْئَة
قَالَت سَوْدَة:
يَا رَسُوْل الْلَّه! صَلَّيْت خَلْفَك الْبَارِحَة
فَرَكَعْت بِي حَتَّى أَمْسَكْت بِأَنْفِي مَخَافَة أَن يَقْطُر الْدَّم
فَضَحِك، وَكَانَت تُضْحِكُه الْأَحْيَان بِالْشَّيْء
عَن ابْن سِيْرِيْن:
أَن عُمَر بَعَث إِلَى سَوْدَة بِغِرَارَة دَرَاهِم.
فَقَالَت:
مَا هَذِه؟
قَالُوْا:
دَرَاهِم
قَالَت:
فِي الْغِرَارَة مِثْل الْتَّمْر، يَا جَارِيَة بَلِّغِيْنِي الْقُنْع فَفَرَّقَتْهَا
وَكَانَت تُحِب الْصَّدَقَة كَثِيْرا
فَقَالَت عَنْهَا عَائِشَة رَضِي الْلَّه عَنْهَا -:
اجْتَمَع أَزْوَاج الْنَّبِي عِنْدَه ذَات يَوْم
فَقُلْن:
يَا رَسُوْل الْلَّه أَيُّنَا أَسْرَع بِك لَحَاقَا؟
قَال:
أَطْوَلَكُن يَدَا فَأَخَذْنَا قَصَبَة وزَرَعْنَاهَا؟
فَكَانَت زَمْعَة أَطْوَل ذِرَاعا
فَتُوُفِّي رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
فَعَرَفْنَا بَعْد ذَلِك أَن طُوِّل يَدِهَا كَانَت مِن الْصَّدَقَة
و رَوَت رَضِى الْلَّه عَنْهَا خَمْسَة أَحَادِيْث
عَن الْنَّبِى صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم
وَفَاتِهَا :
تُوُفِّيَت رَضِى الْلَّه عَنْهَا فِى زَمَن عُمَر بْن الْخَطَّاب